خروج قريبك من مركز العلاج، هو بداية مرحلة جديدة وحاسمة. اكتشف من خبراء دار إشراق نصائح عملية، حول كيفية دعم المتعافي من إدمان ليريكا ومنع الانتكاسة بفعالية.
عودة أحد أفراد أسرتك إلى المنزل، بعد رحلة التعافي من ليريكا هي لحظة مليئة بالأمل والفرح الذي طال انتظاره. ولكنها أيضاً بداية مرحلة حاسمة تتطلب وعياً وحكمة ودعماً من نوع خاص. ودور الأسرة في هذه الفترة لا يقل أهمية عن دور مركز العلاج نفسه، فالبيئة المنزلية إما أن تكون الحصن الذي يحمي المتعافي ويقوي عزيمته، أو للأسف، الشرارة التي قد تشعل فتيل الانتكاسة.
لهذا السبب، يقدم لكم خبراء دار إشراق، بناءً على سنوات طويلة من الخبرة العملية ومتابعة مئات الحالات، هذا الدليل الشامل ليكون مرشدكم في رحلة دعم أحبائكم نحو التعافي الكامل والمستدام.
لماذا يعتبر دور الأسرة حجر الزاوية في منع الانتكاسة؟
عندما يعود المتعافي إلى المنزل، يكون في حالة نفسية هشة. إنه يعيد اكتشاف العالم من حوله، ويتعلم كيفية مواجهة ضغوط الحياة ومشاعرها المتقلبة بدون اللجوء إلى عقار ليريكا. في هذه الفترة، تكون الأسرة هي خط الدفاع الأول والمصدر الرئيسي للأمان النفسي.
يمكننا تشبيه التعافي بنبتة صغيرة وغضة تم زرعها للتو. ودور الأسرة هو توفير التربة الخصبة والماء والشمس لهذه النبتة لتنمو وتشتد جذورها وتقوى في وجه الرياح. أما بيئة الأسرة السلبية المليئة بالشك واللوم والمراقبة، فهي كالبيئة الجافة التي تذبل فيها هذه النبتة وتموت. دعمكم ليس مجرد عامل مساعد، بل هو عنصر حيوي لنجاح العلاج.
واقرأ أيضًا: كيف أساعد مدمن؟
نصائح عملية من خبراء دار إشراق: ماذا تفعل وماذا تتجنب؟
لمساعدتكم على أداء هذا الدور بفعالية، قمنا بتقسيم نصائحنا إلى قسمين: أمور يجب عليكم فعلها، وأفخاخ يجب عليكم تجنبها.
- ثقف نفسك أولاً: الخطوة الأهم هي أن تفهم أن الإدمان مرض دماغي مزمن، وليس ضعفاً في الإرادة أو فشلاً أخلاقياً. اقرأ عن طبيعة إدمان ليريكا، ومراحل التعافي، وأعراض الانسحاب النفسية. كلما زاد فهمك للمرض، زاد تعاطفك وقدرتك على تقديم الدعم الصحيح.
- خلق بيئة منزلية آمنة: يجب أن يكون المنزل ملاذاً آمناً وخالياً من المحفزات. وهذا يشمل التخلص من أي أدوية قديمة، ووضع روتين يومي واضح ومستقر للعائلة، وتشجيع العادات الصحية مثل تناول الطعام الصحي في أوقات منتظمة وممارسة الرياضة معاً.
- اعتمد التواصل المفتوح والصادق: ابتعدوا عن لغة اللوم والمحاضرات. اعتمدوا لغة الحوار المفتوح. استخدموا عبارات مثل “أنا أشعر بالقلق عليك عندما أراك منعزلاً” بدلاً من “أنت دائماً منعزل وتثير قلقي”. استمعوا لمخاوفه دون إصدار أحكام، فهذا يبني جسور الثقة.
- شجّع على الالتزام ببرنامج الرعاية اللاحقة: رحلة التعافي لا تنتهي بمغادرة مركز العلاج. شجّع قريبك بلطف وحزم على حضور جلسات المتابعة النفسية أو الانضمام لمجموعات الدعم. يمكنك عرض المساعدة في توصيله أو تذكيره بمواعيده، فهذا يظهر له أنك شريكه في هذه الرحلة.
- احتفل بالانتصارات الصغيرة: التعافي رحلة طويلة ومليئة بالخطوات الصغيرة. لا تنتظروا الشفاء الكامل للاحتفال. احتفلوا بمرور أسبوع وهو ملتزم، أو تحمله لمسؤولية جديدة في المنزل، أو قدرته على التعامل مع موقف صعب بنجاح. هذا التقدير يعزز ثقته بنفسه بشكل هائل.
واقرأ أيضًا: تجربتي المريرة مع إدمان ليريكا
تجنب: أفخاخ تدمر التعافي
- المراقبة المفرطة وانعدام الثقة: إن تفتيش أغراضه أو هاتفه أو استجوابه باستمرار حول كل تحركاته يرسل له رسالة واحدة: “أنا لا أثق بك”. هذا يجعله يشعر بأنه سجين في منزله وقد يدفعه إلى التمرد أو الكذب. الثقة تحتاج لوقت حتى تُبنى من جديد، فلا تهدمها بالشك.
- التمكين السلبي (Enabling): وهو حمايته من العواقب الطبيعية لأفعاله. من الأمثلة على ذلك: إعطاؤه المال دون مساءلة، اختلاق الأعذار لتبرير غيابه عن العمل، أو حل كل مشاكله بدلاً منه. يجب أن يتعلم تحمل المسؤولية والاعتماد على نفسه.
- اللوم وتذكيره بالماضي: “أتذكر عندما فعلت كذا؟” أو “لقد دمرت حياتنا”. هذه العبارات سامة وتغرق المتعافي في شعور بالذنب والعار، وهما من أقوى المحفزات للانتكاس. ركزوا على الحاضر والمستقبل، فالماضي لا يمكن تغييره.
- تجاهل صحتكم النفسية كعائلة: لقد مررتم أنتم أيضاً بتجربة مرهقة ومؤلمة. من الضروري أن تعتنوا بأنفسكم وتبحثوا عن دعم نفسي لكم، سواء من خلال استشاري أسري أو مجموعات دعم لأهالي المدمنين. لن تستطيعوا تقديم الدعم إذا كنتم مستنزفين نفسياً.
واقرأ أيضًا: هل يسبب ليريكا الاكتئاب؟ وما فعاليته في علاج القلق؟
كيف تكتشف علامات الإنذار المبكر للانتكاسة؟
كن واعياً للتغيرات الطفيفة، فالتدخل المبكر يصنع فارقاً كبيراً. إليك بعض العلامات التي يجب الانتباه إليها:
- تغيرات سلوكية: العودة إلى الانعزال في غرفته، الكذب بشأن أماكن تواجده، إهمال مظهره الشخصي ومسؤولياته اليومية.
- تغيرات نفسية: تقلبات مزاجية حادة وغير مبررة، دفاعية مفرطة عند سؤاله، فقدان الحماس والاهتمام بالهوايات التي كان يستمتع بها.
- تغيرات اجتماعية: العودة للتواصل مع أصدقاء السوء القدامى، والتغيب المتكرر عن جلسات الدعم أو المتابعة.
- علامات مالية: طلب المال بشكل متكرر وإلحاح، أو اكتشاف اختفاء مبالغ مالية أو أشياء ثمينة من المنزل.
ماذا أفعل إذا شككت في حدوث انتكاسة؟
- لا تنفعل: حافظ على هدوئك قدر الإمكان. ردود الفعل الغاضبة أو المنهارة ستغلق باب التواصل تماماً.
- تحدث بهدوء وحزم: اختر وقتاً مناسباً لا تكونون فيه تحت ضغط، وعبر عن قلقك بمحبة. قل شيئاً مثل: “لقد لاحظت بعض التغيرات في سلوكك مؤخراً، وأنا قلق جداً عليك لأنني أحبك. هل يمكننا التحدث؟”.
- اطلب المساعدة المتخصصة فوراً: لا تحاولوا حل المشكلة بمفردكم. اتصلوا مباشرة بمركز دار إشراق أو المعالج المشرف على حالته. فهم يمتلكون الخبرة لتوجيهكم إلى الخطوات الصحيحة والتعامل مع الموقف باحترافية.
- ضع حدوداً واضحة: يجب أن يفهم المتعافي أنكم تدعمونه هو كشخص، ولكنكم لن تدعموا أبداً سلوك الإدمان. هذا يعني عدم منحه المال أو التستر على أفعاله.
واقرأ أيضًا: تكلفة علاج الادمان في مصر لغير المصريين أو للعرب
كلمة من دار إشراق..
إن دعمكم كعائلة هو أقوى سلاح يمتلكه المتعافي في مواجهة تحديات الحياة الجديدة. قد تكون هذه الرحلة صعبة ومليئة بالتقلبات، لكنها ممكنة بالوعي والصبر والحب غير المشروط. تذكروا دائماً، أنتم لستم وحدكم في هذه الرحلة.
إذا كنتم بحاجة إلى إرشاد أو دعم متخصص حول كيفية التعامل مع أحبائكم، فإن فريق الاستشاريين في دار إشراق جاهز لتقديم المساعدة لكم.
اتصل بنا الآن على 01003222229 للرد على كافة استفسارتكم في كل سرية.
تمت مراجعة المقال طبيًا بواسطة:
المصادر الطبية:

